الإقتصاد الحقيقي ينهار والمالـي مهدّد

الإقتصاد الحقيقي ينهار والمالـي مهدّد

الاربعاء 21 آب 2013 20:37

أطلق رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس صرخة مدوّية في اتجاه المسؤولين المعنيين، محذراً من ان "الاقتصاد الحقيقي ينهار والاقتصاد المالي مهدّد"، ودق ناقوس الخطر في المجاهرة بأن "لبنان أضحى على قاب قوسين أو أدنى من هذا السيناريو الاسود".

أجرى شماس مداخلة خلال اجتماع لجنة الإقتصاد النيابية التي عقدت امس، وقال: "حتى تاريخه كان من ينظر الى الاقتصاد المالي يتساءل ومن ينظر الى الاقتصاد الحقيقي يتشاءم. فالاقتصاد المالي يتكوكب حول النقد الوطني والقطاع المصرفي وهو أبلى بلاءً حسنا خلال العقدين المنصرمين بمختلف المعايير، فالسياسة النقدية التي كانت تهدف الى لجم التضخم وثبات سعر الصرف وتعزيز القدرة الشرائية للمواطنين، نجحت على هذه الصعد كافة، وابتدع حاكم مصرف لبنان تدابير نقدية كما هو معروف اليوم بالتسهيلات النقدية خصوصاً قبل باريس -2، فعاد واستخدمها البنك الفيدرالي الاميركي خلال العام 2008 والبنك المركزي الياباني خلال العام 2012.

القطاع المصرفي

وقال شماس على الصعيد المصرفي بات القطاع يمثل العمود الفقري للاقتصاد في الداخل ومفخرة للبنان في الخارج، بالمتانة والسيولة والملاءة والشفافية وجودة الخدمة لتبلغ الودائع المصرفية حالياً 136 مليار دولار اي ما يوازي ثلاثة اضعاف الناتج القائم، مما يعني انها تفوق حدود الاقتصاد الوطني بكثير، انما هذا القطاع النموذجي بأدائه وتنافسيته لا يوظف سوى 22 الف أجير بينما القطاع التجاري يتجاوزه بنحو 15 ضعفاً من حيث القوى العاملة، فيما حدوده هي حدود الإقتصاد الوطني بما ان مجموع الاستهلاك يوازي اقل من الناتج القائم.

القطاع التجاري

ولفت شماس الى أن القطاع التجاري وهو الابرز في منظومة الاقتصاد الحقيقي يعاني متوجعاً أقله منذ سنتين، ويلحظ مؤشر تجارة التجزئة للفصل الثاني من العام الحالي، تراجعاً بنسبة 11% على غرار السياحة التي تراجعت بنسبة 12% والمساحات المرخص لها 17% ما يؤشر الى ان الاقتصاد الحقيقي ليس بخير.من جهة أخرى، ان إشكالية الفوائد تمثل معضلة حقيقية في لبنان، فالاقتصاد المالي يتطلب فوائد تكون عادة مرتفعة لجذب الرساميل وتعزيز ميزان المدفوعات وتحفيز تمويل المصارف للدولة.

وأضاف: في المقابل، ان الاقتصاد الحقيقي يلزم عكس ذلك تماماً، اي أن تكون الفوائد مخفضة، وتمكّن حاكم مصرف لبنان من معالجة هذه المعضلة من خلال آلية الفوائد المدعومة على بعض القطاعات مثل الصناعة والزراعة وغيرهما، لكن نسبة الدعم الى تراجع (من 7 الى 4,5%) من جهة، رغم انه لم يشمل في الاساس القطاع الابرز وهو القطاع التجاري من جهة اخرى. ان التجارة اليوم الرجل المريض في جسم الاقتصاد اللبناني، وأمامه خيارات محدودة أحلاها مرّ.

تحريك الأسواق

ففي غياب الطلب الخارجي (العربي وغير المقيم) ان السبيل الوحيد لتحريك الاسواق يكمن في الحسومات مما يأكل الهوامش التجارية، كما ان الاعباء التشغيلية الى ارتفاع مطرد، والحل الوحيد لعصرها هو الصرف الفردي والجماعي من خلال استبدال العمالة اللبنانية بالعمالة الاجنبية. والقطاع التجاري سيتلكأ اكثر فأكثر في تسديد مستحقاته سواء للدولة او للمصارف، ما ينعكس سلباً على أداء الاقتصاد المالي ومتانته، وان هذه المتانة بدأت تتهاوى مع ارتفاع نسبة الدين العام الى الناتج لتبلغ نسبة 140 % وتبخر الفائض الاولي في الموازنة، ما يهدّد بتحريك الفوائد صعوداً من جديد، الأمر الذي يشكل كارثة موصوفة على المؤسسات التي لا تستطيع تحمل مخزون الدين القائم ولا خدمة فوائده.

وهذه مشكلة ايضا لدى الاسَر، اذ ان 86 الف اسرة مقترضة لشراء مسكن، فماذا سيحصل اذا عجز عدد من هؤلاء عن تسديد اقساطهم؟ ان تراجع القروض السكنية قد يبلغ نسبة 14 % وهو مؤشر في غاية الخطورة رغم الحوافز المغرية التي قدمها مصرف لبنان.

البطالة

وماذا لو تفشت ظاهرة البطالة وخصوصا في ظل النزوح السوري الكثيف؟ فان الاستهلاك سيتراجع وبدأ اصلاً، بدليل انخفاض حصيلة الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 4 % خلال العام المنصرم، وان الطلب على الخدمات المصرفية ولا سيما في التسليف سيتراجع ايضا (للمصارف قدرة تسليفية توازي20 مليار دولار)، وماذا لو أصرّ المجلس النيابي على إقرار سلسلة الرتب والرواتب وتمويلها باقتطاعات ضريبية تطاول قطاعات منكوبة اصلاً مثل العقارات والبناء والاستهلاك؟ عندئذٍ قد ينهار الاقتصاد الحقيقي ويُهدّد الاقتصاد المالي، وللأسف يبدو ان لبنان أضحى على قاب قوسين او أدنى من هذا السيناريو الاسود.

  • » Home
  • » News
  • » الإقتصاد الحقيقي ينهار والمالـي مهدّد

SUBSCRIBE TO NEWSLETTERS

Please enter your e-mail address below to subscribe to our newsletter.

Latest Products

more...
Shop