جيمس بوند 961: الى لبنان درّ...

جيمس بوند 961: الى لبنان درّ...

جيسيكا حبشي

تهافت اللّبنانيّون الى شبابيك تذاكر صالات السينما في الأيّام الأخيرة لحجز مقاعدهم بغية مشاهدة فيلم جيمس بوند الاخير Spectre، لعلّ ساعتين ونصف من الـAction الشيّق تنسيهم ما يدور في الخارج من "دراما" ملّوا من البكاء على أطلال مجالسها وساحاتها.

كنتُ واحدة منهم، جلست متشوّقة لمتابعة آخر إصدارات وإبداع مخيّلة الانسان. الفيلم مليء بالمؤثّرات البصريّة الرّائدة والمتقنة كالعادة، يبثّ فيك إثارة يستحيل أن تخيّب ظنّك، خصوصاً إنت كنت مثلي، تبحث عمّا يشيح بذهنك عن الاخبار اليوميّة التي مللت من قرائتها وتحريرها، وعن أولئك الذين لا يكفّون عن التمثيل عليّ و،عليكم، رغم أنّ الستارة أُسدلت منذ زمنٍ على مسارحهم.

وبعيداً عن حبكة القصّة، وبراعة الممثّلين، وجماليّات مواقع التّصوير، وجدت نفسي أحلم بـ "جيمس بوند لبنانيّ" يحمل الرّقم 961، بدل الـ 007. وهنا لا بدّ لي من أنّ أقدّم فائق اعتذراي للمكلة إليزابيث الثّانية ولرئيس الوزراء دافيد كاميرون ولجهاز الاستخبارات البريطاني، فإنّني، وبكلّ محبّة وتقدير، أرى أننا أحوج منهم لبوند، على أن يكون عميلاً لبنانيّاً بامتياز، يفكّك ألغاز ما يحاك للبنان من مؤامراتٍ وإرهابٍ وعمليّات اغتيالٍ واحتيالٍ واختلاسٍ...

بوند اللّبنانيّ عميلٌ متمرّس يعملُ بالتّنسيق مع جهازَي استخبارات الجيش وشعبة المعلومات في قوى الامن الدّاخلي، يوكّل بالمهمّات المستعصية، وقد خُصّص له، كما خصّص لغيره من العملاء المتميّزين، مبلغٌ ضخمٌ من الهبات العسكريّة الكثيرة المقدّمة للبنان. خضع للتّدريب الجسديّ المكثّف، خاض اختبارات صعبة بالأمانة والولاء والوفاء لبلده، وحاز على شهادات عدّة من أرمق جامعات العالم، كما استحقّ أوسمة نادرة نظراً لانجازاته خصوصاً في مجالَي مكافحة الارهاب، وتعقّب المجرمين والجواسيس.

أمّا سجلّ إنجازات بوند 961 فيفصح عن قدرات هذا الرّجل الهائلة في غمار الامن. فبالاضافة الى كشفه جواسيس لبنانيّين يتعاملون مع أجهزة إستخبارات إسرائيليّة وغربيّة، بغية الامساك بمفاصل الدّولة اللبنانيّة، استطاع العميل اللّبناني الاول أن يتربّص بخليّة كانت تخطّط لسلسلة عمليات اغتيال تطال رؤساء أحزاب ووزراء ونوّاباً. فقد كشفَ بوند الرّأس المدبّر من خلال مساعدة أهم عباقرة التكنولوجيا، وبفضل ما قدّمته له الدّولة من تجهيزات إلكترونيّة فائقة التطوّر، وخلّص لبنان في شهر شباط من العام 2004 من أكبر عمل أمني ضخم قيل إنّه كان سيفتح الباب على حقبة دماء في تاريخ لبنان الحديث، وسيكون أوّل حجر أسود في سبحة قافلة جديدة من الشهداء.

أحدثُ إنجازٍ للرّجل الاخطر في لبنان، كانت عمليّة الانزال المفاجئة التي قام بها مع مجموعته الخاصّة في جرود عرسال حيث أنقذ العسكريّين اللّبنانيين المخطوفين من أيدي الجماعات الارهابيّة، وأعادهم الى كنف عائلاتهم سالمين آمنين بعد أيّام قليلة على خطفهم، وقَطَعَ عُنق التّهديدات بذبحهم الواحد تلو الاخر.

انتهى الفيلم الطّويل بلمحة بصر، من دون أن أرمق السّاعة. سيّدتان ورائي خائبتان تقول واحدة للاخرى "كلّو قتل بقتل"، وأمامي شبّانٌ يضحكون، ويعبّرون عن إعجابهم بسيّارة البطل. صديقتي لم يبهرها جمال حبيبة جيمس بوند الاخيرة، وصديقي اعتبر من جهته أنّ "الفيلم عاديّ جدّا ولا يحمل أيّ جديد"... أمّا أنا فخرجت حزينة، جيمس بوند اعتزل عمله في نهاية الفيلم من أجل حبيبته، وتخلّى عن مهمّته المقبلة في لبنان. حتّى هو تخلّى عن لبنان!

  • » Home
  • » News
  • » جيمس بوند 961: الى لبنان درّ...

SUBSCRIBE TO NEWSLETTERS

Please enter your e-mail address below to subscribe to our newsletter.

Latest Products

more...
Shop