انتكاسة تصيب سوق العقارات

انتكاسة تصيب سوق العقارات

أصيب القطاع العقاري، الذي شكل خلال الفترة 2006 - 2009 العصب الأساسي لدعم الاقتصاد اللبناني، بانتكاسة كبيرة اعتباراً من العام 2010 فكانت حالات ركود وانخفاض حاد في الطلب، وتباطؤ تأجيل للعديد من المشاريع.

وتعود أسباب هذه الانتكاسة وبحسب الخبير الاقتصادي والمالي غازي وزني إلى جملة من العوامل منها على سبيل المثال لا الحصر:

1-تداعيات الأوضاع السياسية والأمنية المضطربة على المستوى المحلي.
2- امتدادات واستمرارية الأزمة السورية، وتعقيدات ملف النازحين.
3-تداعيات البيئة الاستثمارية الضبابية.
4-الارتفاعات الجنونية لأسعار العقارات.
5-ابتعاد المستثمرين العرب والخليجيين وعرض العديد منهم عقاراتهم للبيع.
6- تريث اللبنانيين في الخارج، وضعف امكانيات اللبنانيين المقيمين، وتحول المستثمرين العرب نحو دبي ومناطق أخرى.

ويقول وزني لـ"اللــواء":
يعاني القطاع العقاري منذ نهاية العام 2010 حالات ركود وانخفاض حاد في الطلب، تباطؤ وتأجيل للعديد من المشاريع، تراجع ومرونة وثبات في الأسعار. فتقلص عدد المبيعات العقارية خلال فترة 2010 - 2013 حوالى 26.6٪ من 94320 إلى 69198، وتراجعت مساحات البناء المرخصة حوالى 27٪ من 17.26 مليون متر مربع إلى 12.62 مليون متر مربع، وانخفضت قيمة المبيعات حوالى 8.2٪ من 9.48 مليار دولار إلى 8.7 مليار دولار وتقلص عدد الشقق السكنية المباعة سنوياً بنسبة 26٪ من 23 ألف إلى 17 ألف.

كذلك أظهرت الاحصاءات لعام 2013 بأن تراخيص البناء للشقق التي تراوح مساحتها بين 100 متر مربع و200 متر مربع مثلت حوالى 69.3٪ من إجمالي التراخيص منها 45٪ للمساحات بين 100 متر مربع و150 متر مربع وان بيروت حصلت فقط على نسبة 4.8٪ من اجمالي التراخيص بينما حصل جبل لبنان على 46.8٪ بسبب الكلفة المرتفعة للأرض في العاصمة.

ويتابع: في المقابل شهدت أسعار العقارات، منذ العام 2010 حالات انخفاض ومرونة وثبات في الاسعار، انخفاض وصل إلى 25٪ في بعض المناطق المتوترة خارج بيروت وضواحيها، وراوح بين 10٪ و20٪ في أسعار الشقق الضخمة والكبيرة في العاصمة نتيجة الأسعار المرتفعة للشقق وابتعاد المستثمرين العرب وعرض شققهم للبيع، وتريث المستثمرين اللبنانيين غير المقيمين بينما بقيت الأسعار ثابتة ومرنة ومنفتحة على التفاوض بنسبة تراوح بين 5٪ و10٪ للشقق المتوسطة والصغيرة في العاصمة والجوار نتيجة توفر التسليفات المصرفية للسكن وسياسة ضخ السيولة ودعم الفوائد من المصرف المركزي اضافة إلى ان مرونة الأسعار تتوقف على الأوضاع المالية للمطورين ومستوى مبيعاتهم في مشاريعهم وكلفتهم للأرض.

أما لجهة أسعار الأراضي في العاصمة فبقيت ثابتة مع ارتفاعات سنوية مقبولة وطبيعية بسبب ندرتها وارتياح مالكيها مالياً بينما انخفضت في شكل ملموس في بعض المناطق المضطربة والمتوترة خارج العاصمة وضواحيها.

أخيراً اللافت للانتباه ان ثبات أسعار بعض العقارات خلال الثلاث سنوات الأخيرة يعني تراجع قيمتها الحقيقية حوالى 15٪ بفعل التضخم، وان النزوح السوري لم يؤثر على أسعار الشقق لأن الطلب للشراء بقي محدوداً لم يتجاوز 1500 وحدة سكنية بينما جاء التأثير بشكل ملحوظ على أسعار الإيجارات.

في الوقت عينه نلفت الانتباه إلى ان العديد من مسببات الفورة العقارية لم تعد قائمة منها تدني أسعار العقارات في لبنان في العام 2007 مقارنة مع أسعار العقارات في الدول المجاورة، الطفرة المالية في المنطقة العربية، انهيار الأسواق المالية العربية والأزمة المالية العالمية وأزمة دبي، أزمات جعلت من لبنان ملاذ آمن ومستقر ومجدي للاستثمار في قطاعاته العقارية والمصرفية من قبل المستثمرين العرب واللبنانيين غير المقيمين.

ويختم وزني: على الرغم مما ذكرناه فإن صمود القطاع العقاري وعدم انهياره، يعود إلى الأسباب التالية:

1-ندرة الأراضي وانحسار مساحات الأراضي الصالحة للبناء في العامة اضافة إلى ملاءة أصحابها المالية.

2-الطلب على الشقق هو حقيقي للسكن بنسبة 80٪ وللمضاربة بنسبة 20٪ اضافة إلى ان أكثر من 90٪ من الشارين هم لبنانيون.

3- الامكانيات المالية لغالبية المطورين مرتاحة إضافة إلى المستوى المقبول للرافعة المالية عندهم.

4- سياسة الدعم المالي من قبل مصرف لبنان للقطاع العقاري: ضخ 2200 مليار ليرة في العام 2012 منها 50٪ للقطاع العقاري و1200 مليار ليرة في العام 2014، يتوقع أن يخصص منها أكثر من 60٪ للقطاع العقاري. يضاف إليها القروض السكنية الممنوحة من القطاع المصرفي التي بلغت حوالى 7.8 مليار دولار في العام 2013 مشكلة نسبة 14.5٪ من اجمالي التسليفات واستفاد منها حوالى 59.4 ألف مستفيد.

5-تحوّل وجهة استثمارات المطورين نحو الشقق الصغيرة والمتوسطة وإلى خارج العاصمة حيث كلفة الأرض متدنية وذلك لتلبية امكانيات الشارين.

يخشى أن يبقى الجمود مسيطراً على القطاع العقاري في المدى القريب والطلب ضعيفاً نتيجة ضبابية الأوضاع السياسية والأمنية الداخلية، وارتباط لبنان بالأزمة السورية، من هذا المنطلق يتوقع أن تبقى أسعار الأراضي في العاصمة وضواحيها مستقرة مع تحسنات طبيعية، وأن يستمر انخفاضها في المناطق المتوترة أمنياً، وأن تبقى أسعار الشقق الضخمة والفخمة مستقرة في مستواها الحالي المنخفض، وأسعار الشقق المتوسطة والصغيرة ثابتة مرنة.

(ابراهيم عواضة - اللواء)

  • » Home
  • » News
  • » انتكاسة تصيب سوق العقارات

SUBSCRIBE TO NEWSLETTERS

Please enter your e-mail address below to subscribe to our newsletter.

Latest Products

more...
Shop