اللبنانيون يشربون مياه ... قوى الامر الواقع

اللبنانيون يشربون مياه ... قوى الامر الواقع

10 شباط 2013 الساعة 19:25

النهار | خالد ابوشقرا

أمير، (وهو اسم وهمي) لديه عمل مربح. فهو تاجر غير كل التجار، مؤسسته عبارة عن محل لا تتجاوز مساحته الثلاثة امتار مربعة. رأسماله خزان بلاستيكي مرفوع على اعمدة حديدية وآلة لتكرير المياه، اما سلعته الشهيرة فهي المياه. يقوم أمير بتعبئة مياه خزانه، الذي كتب عليه العلامة التجارية المميزة، من صهاريج متنقلة لا يعلم سوى الله مصدرها. يضع المياه في غالونات بلاستيكية رخيصة لا تخضع لأي معايير او مواصفات صحية، ويوصلها الى منازل الاحياء بواسطة دراجات نارية مخصصة لهذه الغاية. الامر الذي دفعني لأسأل اي مياه يشرب اللبنانيون؟

"يوجد قانون لحماية المواطنين من (دكاكين) المياه، ويفرض على السلطات المختصة مراقبة اماكن التعبئة باستمرار وقياس مدى جودة المياه. الا انه مع الاسف هذا القانون الذي اقر بتسوية لا يطبق"، يجيب رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاطف مجلاني. ويتابع قائلا "ان مياه الامر الواقع هي النتيجة الحتمية لتقصير الدولة في تأمين مياه الشفة للمواطنين. وهو ما دفع لتفريخ مئات المحلات لتعبئة مياه اقل ما يقال فيها انها مضرة بالصحة وبالاقتصاد على السواء".

رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو، يذهب ابعد من ذلك ليقول "انه بحسب دراسة تمت بين وزارتي الزراعة اللبنانية والفرنسية سنة 2009 ، تبيّن ان 80 بالمئة من اللبنانيين يلجأون الى شراء مياه الشرب ولا يعتمدون على مصالح المياه، اي مياه الدولة. لأن الدولة لم تضع في أولوياتها تأمين المياه او الكهرباء او اي من السلع الاساسية في خدمة المواطنين". ويضيف برو، "ان قطاع بيع المياه يقسم الى قسمين، الاول عبارة عن الشركات المرخصة من قبل وزارة الصحة ويضم 24 شركة يعمل منها 20 شركة. اما بقية الشركات فأخذت التراخيص منذ سنوات ولم تباشر العمل (على الطريقة اللبنانية). اما القسم الثاني، فهو قطاع تعبئة المياه المكررة والذي يبلغ حجمة 450 شركة ومحلا. وهو قطاع غير خاضع لأي شروط ويفتقر الى ابسط مقومات السلامة العامة وغير مراقب من قبل اي من الوزرات والجهات المعنية". الا انه وبحسب برو، فان "الخطير في الموضوع هو عدم انحصار التلوث في محلات بيع المياه المكررة انما في الشركات المرخصة ايضاً. ولعل الدليل على ذلك هو عمليات الاتلاف لبضائعها في الدول الاوروبية لاكثر من مرة. وقد اثبتت عمليات الفحص التي اجريناها على 50 عينة اتخذت بشكل عشوائي ان هناك 32 عينة ملوثة جرثومياً".

وبالعودة الى تاجرنا امير، فانه بالطبع لا يدري ان 80 في المئة من الامراض التي تصيب الانسان تنتج عن تلوث المياه بالكائنات المجهرية المسببة للامراض. وان 60 في المئة من الامراض المعوية ناتجة عن تلوث المياه خصوصاً في فصل الصيف. كما انه لا يعلم بالطبع ان لتعبئة المياه وبيعها شروطاً في لبنان ومنها الاستحصال على ترخيص من قبل وزارة الصحة يظهر تملكه لبئر او نبع والتأكد من ان المياه تستوفي الشروط الصحية وتخلو من الجراثيم. والعمل على تغيير "الفلاتر" بشكل مستمر وايضاً معرفة كيفية الحفظ والتوزيع والاستهلاك.

واذا كان لزاما استخدام مياه لا تعود للشركات المرخصة بسبب ارتفاع اسعارها نسبياً، فان الخبراء يعطون النصائح التالية: معرفة مصدر المياه ومعرفة ما اذا كانت مياه معدنية او طبيعية ام مكررة ام معالجة، وعدم شراء المياه من دكاكين التعبئة الرخيصة، وعدم شراء المياه التي تتعرض لدرجة حرارة تفوق الـ22 درجة مئوية، واستعمالها في فترة لا تتجاوز الثلاثة ايام من تاريخ استخدامها. بالاضافة الى عدم استعمال العبوات البلاستيكية لأكثر من مرة، وعدم شرب المياه اذا تغيّر لونها او تم الشك في رائحتها. كما يجب عدم المقارنة بين جودة المياه ونقاوتها، فهي لا تكون عادة دليلاً على صحة المياه.

  • » Home
  • » News
  • » اللبنانيون يشربون مياه ... قوى الامر الواقع

SUBSCRIBE TO NEWSLETTERS

Please enter your e-mail address below to subscribe to our newsletter.

Latest Products

more...
Shop