دوامات العمل المرنة... تزيد الإنتاجية

دوامات العمل المرنة... تزيد الإنتاجية

لا تُفوّت الجمعياتُ النسائية من حول العالم فرصةً لتُطالبَ الحكومات بإرساء دوامات عملٍ مرنة تسمح للأمّهات بالعمل ضمن شروط تُتيح لهنّ التطوّر المهني دون إهمال عائلاتهنّ.

بينما أدركَت بعضُ الدول أهمّية هذا المطلب، خصوصاً أنّه يتيح للنساء عدم التوقّف المهني لسنوات بهدف تأسيس عائلة، ويُسهّل عليهنّ التوفيقَ بين مهمّات العمل ومهمّات الأسرة، هناك دوَلٌ أخرى لم تدرس هكذا فرضيات أصلاً. ويَعتبر البعض أنّ إرساء هذه الدوامات بمثابة أعباء اقتصادية، فهُم يُفضّلون توظيفَ عمّال بدوام كامل يَحضُرون يومياً إلى المؤسسة ليُمضوا فيها ساعات عملٍ طويلة. ولكنْ هل هؤلاء فِعلاً أكثرُ إنتاجيةً ممّن يَعملون ساعات أقلّ أو بشروط مريحة؟

لا يتخطّى العملُ الفعلي 3 ساعات؟!

كشَف تقرير نشَره المنتدى الاقتصادي العالمي أنّ الموظف العادي لا يَعمل فعلياً، على مدار يوم عملٍ مِن ثماني ساعات، إلّا مدّةَ ثلاث ساعات تقريباً، أو ساعتين و53 دقيقة، إذا كنّا أكثرَ دقّة. وبحسب دراسة مسحية أجريَت في العام 2016 على حوالي ألفين من موظفي المكاتب في المملكة المتّحدة، يُمضي الناس بقيّة وقتِ الدوام المِهني في مزيجٍ مِن قراءة الأخبار، وتصَفُّحِ وسائل الإعلام الاجتماعية، وتناوُلِ الطعام، والـ»دردشة» الاجتماعية حول مواضيع لا صِلة لها بالعمل، مع أخذِهم استراحةً للتدخين، والبحث عن وظائف جديدة.

وأوضَحت الدراسة أنّ أيام العمل الطويلة قلّما تَستخلص عصارةَ جهودِ الناس. وفيما وجَدت دراسات أخرى أنّ الأشخاص لا يستطيعون التركيزَ أكثرَ من 20 دقيقة متتالية أكّدت إحدى الدراسات أنّ الناس يَبذلون جهوداً للتركيز على مهمّة واحدة لأكثر من 10 ثوان.

هل الدوام الطويل غير مثمِر؟

يؤكّد «ك. أندرس إريكسون»، الخبير في سيكولوجية العمل: «مع اقتراب النهار من نهايته، يبدأ أداءُ الموظفين في الأفول أو ربّما يزداد سوءاً». ويضيف: «إذا ضَغط المديرون على الموظفين واستبقوهم بعد انتهاء الدوام، فإنّ هؤلاء يعجَزون عن التركيز بشكل كبير، كما يكتسبون بعضَ العادات السيئة التي تستنزف ساعاتهم الإنتاجية». فبَعد ساعات من تصَفُّحِ الفيسبوك في فترة ما بعد الظهر، قد لا يَشعر الموظفون بحرَجٍ من دخول الشبكة الاجتماعية في الصباح حتّى، ويصبح اللهوُ خلال ساعات الوظيفة الطويلة جزءاً روتينياً من نهار العمل.

ماذا عن تقصير الدوام؟

مِن جهته، يرى»ريان كارسون»، الرئيسُ التنفيذي لشركة تيشنوس للتعليم التكنولوجي، أنّ موظّفيه أصبحوا أكثرَ سعادةً وإنتاجية منذ أن بدأوا العملَ لمدة 32 ساعة أسبوعياً في العام 2006. ويرى أنّ «الإيجابية في أسلوب العمل هذا لا تتعلّق فقط بمنحِ الموظفين والموظفات مزيداً من الوقت العائلي أو أوقات للّهو، بل تتعلّق بعيشِهم حياةً أكثرَ توازُناً».

العمل المرن

إلى ذلك، تتبع العديد من دولِ العالم نظامَ العمل المرِن، ومنها بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وأستراليا... مِن شأن هذا النظام أن يحدَّ مِن نسبةِ البطالة ولكن أيضاً أن يُفسح المجال أمام العامل أو العاملة بتخفيض ساعات العمل اليومية، أو توزيعها وفقاً للأوقات التي تناسبهما، أو تكثيفها بشكلٍ أسبوعي أو شهري، بالإضافة إلى اختيار مكانِ العمل، وقد يكون من المنزل.

ولا تريح عقودُ العمل المرنة الموظّفَ والموظفة فحسب بل تَسمح لكليهما بالمشاركة الفعلية في تربية الأبناء وتَضمنُ للمرأة الاستمرارَ في وظيفتها حتّى بعد إنجاب عائلة.

ويعود نظام العمل المرِن بالفائدة على كلٍّ مِن العامل والعاملة وصاحبِ العمل، إذ إنّه بالنسبة للعمّال يُحقّق التوازنَ ما بين متطلّبات العمل والمسؤوليات الأُسَرية والشخصية، ويُجدّد النشاطَ الوظيفي والحماسة والاندفاع، كما يَدفع إلى تراجعِ معدّلاتِ الإرهاق والإصابة بالأمراض المتعلّقة بالتنقّل اليومي ما بين العمل والمنزل، ويوفّر عناءَ وكِلفةَ المواصلات العامّة والوقتَ الضائع مِن مكان العمل وإليه. ويَخدم هذا النظام بصورةٍ أساسية المرأةَ والأمَّ، فيُمَكّنهما اقتصادياً ومهنياً، فاسحاً لهما مجالَ العمل بشروطٍ سهلة تناسبهما.

  • » Home
  • » News
  • » دوامات العمل المرنة... تزيد الإنتاجية

SUBSCRIBE TO NEWSLETTERS

Please enter your e-mail address below to subscribe to our newsletter.

Latest Products

more...
Shop