بين النسخة الالكترونية والورقية...الصحافة إلى أين؟

بين النسخة الالكترونية والورقية...الصحافة إلى أين؟

في ظل التحدي الذي جلبته شبكة الإنترنت ، فرضت الصحافة الالكترونية نفسها على الساحة الإعلامية كمنافس قوي للصحافة الورقية ، بالإضافة إلى ظهور الأجيال الجديدة التي لا تقبل على الصحف المطبوعة؛ ومن أهم مميزات الصحافة الالكترونية هي نقلها للنص والصورة معا لتوصيل رسالة متعددة الإشكال والاحتفاظ بالزائر اكبر قدر ممكن ، هناك مميزات للقارئ الالكتروني منها السرعة في معرفة الأخبار ورصدها لحظة بلحظة على العكس من الصحف التقليدية التي تقوم بالرصد والتحليل للموضوعات ، بالإضافة لغياب مقص الرقيب على المواد الصحفية التي يتم نشرها نظرا لان الانترنت عبارة عن عالم مفتوح.
ارتبط مصطلح “الصحافة الإلكترونية” في الوطن العربي فعليا بظهور أول موقع لصحيفة عربية هي “الشرق الأوسط ” على الإنترنت وذلك في سبتمبر /أيلول عام 1995، تلتها صحيفة النهار اللبنانية في فبراير /شباط 1996، ثم صحيفة الحياة اللندنية في يونيو /حزيران 1996، والسفير اللبنانية في العام نفسه كذلك، وتوالت بعد ذلك أعداد المواقع الإلكترونية على الإنترنت لصحف عربية كثيرة، وكان يقصد بهذا المصطلح قبل التاريخ المذكور استخدام تقنيات النشر المكتبي في إنتاج وإخراج الصحيفة الورقية التقليدية، أي استخدام الكمبيوتر وبعض البرامج المتخصصة في عمليات النشر الورقي الاعتيادي(1).

والصحيفة الإلكترونية نشأت حين ارتأى القائمون على الصحيفة الورقية بصورتها التقليدية مجاراة لغة العصر وبالتالي ضرورة وجود نسخة إلكترونية من هذه الصحيفة على الإنترنت، فأنشأوا لها موقعا. وبالتالي فالصحيفة الإلكترونية بدأت نسخة طبق الأصل “كربونية” من الصحيفة التي تصدر بطبعاتها المختلفة ورقيا وتوزع بصورة اعتيادية ثم ما لبست أن تطوّرت، ففي حين كان الموقع يقوم على جهود بعض الفنيين، أصبح يحتاج إلى فنيين اختصاصيين مصنفي المواد وقسم المالتيميديا الذي يوفر الصور المصاحبة للمواد المنشورة على أقل تقدير.

في الغالب تلتزم النسخة الالكترونية الحرية الكاملة، ولها القدرة في التغلب على قوانين المطبوعات صحيفة ورقية في لبنان . ومن الحسنات التي تحتسب لها ايضًا حضورها العالمي ، إذ لا توجد عقبات جغرافية تعترض الصحيفة الالكترونية، فهي متاحة في كل مكان تتوافر فيه متطلبات الانترنت، في حين أن الصحيفة الورقية مرتبطة بعمليات توزيع ونقل وشحن معقدة ومكلفة ضمن الحدود الجغرافية للبنان. سرعة انتشارها، حيث يمكن أن تحصد قراء بالملايين بكل سهولة طالما تقدم خدمة إخبارية جيدة و حقيقية. يتيح الموقع الالكتروني معرفة المستخدم من أي دولة والوقت الذي استغرقه في كل صفحة وما هي الصفحات التي أطلع عليها، مما يساعد في عمل إحصائيات عن اهتمام القراء وميولهم للمادة المكتوبة ومعرفة أكبر الأخبار نسبة في القراءة. إمكان الدخول إلى أرشيف الأعداد السابقة للصحيفة والبحث من خلالها بسهولة عن المعلومات عن طريق محركات البحث، توافرها طوال اليوم. لا تحتاج إلى دفع رسوم في حال توافر الأجهزة الضرورية والانترنت، وهذا الأمر بات يعتبر حديثاً بسبب توجّهات الصحف العالمية إلى دفع أموال لقراءة النسخ الالكترونية في يسهل الحصول عليها من تلك الورقية، هذا التوجه يعتمد في أغلب دول أوروبا وأميركا ومن أهم الأمثلة صحيفة Newyork Times. إمكانية تصفحها ليس فقط عبر الكمبيوتر الشخصي أو المحمول وإنما أصبحت متوافرة اليوم عبر تطبيقات على الهواتف الذكية Smart phones و الآيباد.

وفي المقابل فإن البنى التحتية للاتصالات والحاسوب في لبنان ليست مجهزة بشكل جيد، حيث يعاني الانترنت من بطئ شديد وتأثره بأحوال الطقس ما يحول دون تطوّر هذه التقنية . إضافةً إلى ضعف الأمن المعلوماتي في لبنان بشكل عام، حيث يدخل المخربون أو القراصنة على الأنظمة والبرامج والمواقع، يستخدمون عددا من الأساليب التقنية في التخريب منها تشويه المواقع، اختراق النظم، حملات تشويه المعلومات واستخدام الفيروسات أو حصان طروادة لشن حروبهم على الشبكة، ما يسبب أضراراً معنوية ومادية للصحيفة. هذا عدا عن أنّ عدد مستخدمي الإنترنت في لبنان والعالم العربي ضعيفاً فهو يتراوح حول 12 مليون مستخدم حسب أحدث إحصائية عن 2007 نشرها موقع http://www.internetworldstats.com (2) حيث كان عدد مستخدمي الإنترنت في الشرق الأوسط 33 مليون ونصف المليون – إيران وحدها 18 مليونا، وإسرائيل 3 ملايين- كما بلغ عدد المستخدمين للإنترنت في مصر 6 ملايين، وهي أرقام ضعيفة جدا بالنسبة إلى أوروبا (338 مليونا) والولايات المتحدة الأميركية (215 مليونا).

وفي مقارنة بسيطة النسخة الالكترونية وتلك الورقية، نجد أنّ شريط الخبر العاجل غير متوفر في النسخة الورقية، وهو يختص ببث الأخبار العاجلة بصورة تجعلها تتفوق على التلفزيون والإذاعة فيما يتعلق بزمن النشر قياسا إلى زمن حدوث الخبر لأن أنظمة النشر تتيح للموقع النشر بمجرد الانتهاء من كتابته وبالتالي كسر دورة إنتاج الخبر العادي. التبويب والأقسام غير موجودين على النسخة الورقية، حيث يضطر القارئ البحث ضمن أوراق الجريدة إذا كان يهتم بقسم معيّن. تحديث الأخبار، فإضافة إلى دورية صدور الصحيفة، العمل المستمر لنشر الأخبار حال حدوثها أو حال ورودها من المصادر الموثوقة أو من المراسلين. رابط مباشر لصفحات مواقع التواصل الاجتماعية الفايسبوك والتويتر الخاصة بالجريدة عبر الرموز الخاصة بهم، والصحيفة تستفيد من هذه الخدمات من خلال تلقي الأفراد للمواضيع من دون أن يقصدوا الدخول إلى الموقع. خاصية البحث واسترجاع أعداد قديمة عبر محرّك البحث. توفير النسخة الالكترونية في أسفل الصفحة شريطا يتضمن نبذة عن الجريدة وتاريخ تأسيسها وعنونانها، وظائف شاغرة داخلها، كيفية الإعلان معها، الشروط الأساسية للتعليق على المقالات، وسائل الاتصال بالجريدة، الأرشيف وهي خدمة مميزة حيث تعرض للمستخدم أرشيف الجريدة الكامل بحسب ترتيبه الزمني، كذلك توفر ملحق خاص للسينما يسظهر آخر الأفلام المعروضة في الصالات اللبنانية مع عناوينها وطرق الاتصال بها، خدمة ال RSS وكيفية الاشتراك بها.

تتميّز عادةً النسخ الالكترونية بإعلانات عبارة عن صور متحرّكة أو فيديو ملفتة أكثر للنظر قد رابط مباشر لموقع الشركة المعلنة. النسخة الورقية تتيح للمعلن خيار نشر الإعلان بالأبيض والأسود الذي هو عادةّ أقل كلفة أو بالألوان للفت النظر أكثر، أما النسخة الالكترونية فلا يمكن إلا نشر الاعلان إلا بالألوان.

ينفرد كل مقال بصفحة على حدا في النسخة الالكترونية ما يمنع أي التباس أو تشتت في التركيز، وهناك إمكانية تعديل الخبر وتصحيحه في حالة وجود أي أخطاء إضافةً إلى إمكانية التحكّم بحجم خط الطباعة، الاحتفاظ بالصورة والتحكم بحجمها. إضافة روابط له، لها علاقة بالموضوع يمكن لمن يريد الإطلاع عليها سواء من أعداد سابقة من الصحيفة نفسها أو من مواقع أخرى. إمكانية مشاركة المقالات على مواقع التواصل الاجتماعي ما يساهم بقراءتها من قبل أكبر عدد ممكن من القرّاء. إرفاق بعض المقالات ببعض مقاطع الفيديو من موقع Youtube معبرة عن الخبر ما يوثق الموضوع بالصورة والصوت وهي ميزة لن تتوافر بأي حال في الصحافة المطبوعة، بل تتفوق على القنوات الفضائية الإخبارية، نظراً لإمكانية الإطلاع على الخبر في أي وقت، بينما ينتهي الخبر في القناة الفضائية بإذاعته، كما يمكن للقارئ الاطلاع عليه من الأرشيف حتى بعد مرور أيام أو شهور عليه، فالخبر لا يموت في الصحافة الإلكترونية. إمكانية إرسال الموضوع إلى أي بريد إلكتروني من خلال وصلات البريد الإلكتروني المباشرة. أتاحت الصحافة الإلكترونية إمكان مشاركة القارئ مباشرة في عملية التحرير من خلال التعليقات التي توفرها النسخة الالكترونية ، بحيث يمكن للمشارك أن يكتب تعليقه على أي مقال أو موضوع بحيث يتحوّل من متلقّي إلى متفاعل. وذلك بشرط ألا تتضمن قدحاً أو ذمّا أو تشهيرا ويحق للجريدة استخدام التعليقات المنشورة على الموقع في الطبعة الورقية ضمن زاوية رسائل إلى المحرّر. عمل مقاييس لعدد قراء كل خبر أو موضوع على حدة، فمن خلال أعداد القراءة يتعرف الكاتب الصحفي على اتجاهات قرائه، وأي من الأخبار يتم قراءتها أكثر، ومن ثم يمكن تعديل اتجاهات الصحيفة لتناسب قرائها. روابط أسفل كل مقال لنفس الصحافي تؤدي إلى مقالات سبق أن أعدّها في أعداد سابقا.

هناك مجموعة من التحديات التي تواجه الصحافة الالكترونية في العالم العربي من بينها تواضع أعداد مستخدمي الانترنت العرب ومعظمهم من الشباب علاوة على غياب آليات التمويل في مختلف صورها سواء كان تمويلا ذاتيا أو بصورة إعلانات حيث أن هناك حالة من انعدام الثقة بين المعلن العربي والانترنت بصفة عامة. بالإضافة إلى أن نقص المحتوى العربي على شبكة الانترنت يقف وراء عدم انتشار الصحافة الالكترونية بصورتها الواضحة كما هي الحال في الغرب . ومن خلال تناولنا لحالة الأخبار نلاحظ أن الجريدة تحاول اللحاق بركب التطوّر التكنولوجي العالمي الحاصل في هذا المجال. لكنها لن تستطيع النجاح ما لم توفّر لها ظروف مناسبة خاصّة بالبلد وبقوانينه وببنيته التحتية

http://www.charlesayoub.com/more/68997

  • » Home
  • » News
  • » بين النسخة الالكترونية والورقية...الصحافة إلى أين؟

SUBSCRIBE TO NEWSLETTERS

Please enter your e-mail address below to subscribe to our newsletter.

Latest Products

more...
Shop