اسعار الشقق في لبنان: غلاء فاحش وهمّ الشباب الكبير

اسعار الشقق في لبنان: غلاء فاحش وهمّ الشباب الكبير

هديل كرنيب

سوق العقار اللبناني سوقاً استثمارياً ضخماً لا يستهان به ، فهو يُعد احد اهم القطاعات الرئيسية في لبنان ، حيث ان اهميته تكمن في نشاطه المستمر وسيولته الضخمة التي تتعدى قيمتها مليارات الدولارات بالإضافة الى الطلب الدائم من المواطنين اللبنانين على الشقق السكنية ، عداك عن المغتربين والخليجيين العرب الذين هم بإنجذاب دائم للإستثمار والتملك فيه على الاراضي اللبنانية.

شهد القطاع العقاري في لبنان بين عامي 2006 و2009 ارتفاعاً ضخماً لم يسبق له مثيل حيث ما تزال هذه الفورة مستمرة حتى الان وإن بوتيرة اخف نسبياً . فقد ارتفعت اسعار الشقق في لبنان ، في السنوات القليلة الماضية ، الى ارقاماً خيالية على كافة الاراضي اللبنانية لا سيما في الضاحية الجنوبية خاصة بعد انتهاء حرب تموز وعودة عملية الإعمار اليها ، وهذا ما ادى بدوره الى تفاقم أزمة السكن في لبنان بحيث بات تملّك شقة صغيرة وبمواصفات معقولة او حتى "اقل من المعقول" حلماً يتمناه اي شاب او عائلة من الصعب جداً تحقيقه او الاقتراب منه اذا ما لم تكن اوضاعهم المادية ميسورة.

تشير التقارير الاقتصادية في هذا المجال و خاصة فيما يخص الاسعار التي تترواح بينها الشقق السكنية ن ان بيروت مثلاً والمناطق القريبة منها تشهد ارتفاعاً نارياً في اسعارها فعلى سبيل المثال سعر المتر المبني في ڤردان يصل الى 5000 دولار في الطوابق الاولى، ما يعني أن سعر شقة مساحتها 300 متر مربع، قد يصل الى 1.5 مليون دولار ، وهذا ما يشير الى مدى صعوبة السكن والتملك الان في بيروت لا بل استحالتها للأفراد او الأسر ذوي الدخل المحدود.

واذا ما دخلنا الى ضواحي بيروت وبالتحديد الى عمق الضاحية الجنوبية نجد ان سعر الشقة ( 4 غرف) في المناطق الجداَ شعبيه تترواح ما بين 120 وال 135 الف دولار ، اما اذا انتقلنا الى تلك المناطق التي تعد اكثر ارتقاءً في الضاحية- او على توخومها اذا ما صحّ التعبير- فنجد ان سعر المتر يتراوح ما بين ال 2000$ الى 2500$ وذلك بالطبع تبعاً لمواصفات الشقة والمبنى وعدد الغرف لنصل بذلك الى سعر شقة يتراوح ما بين ال 200 الف دولار الى 300 الف دولار.

وفي هذا السياق، يُشير احدى التقارير الصادرة عن شركة Global Property Guide إلى أنّ "العقارات في بيروت كانت من بين الأغلى في المنطقة في عام 2010" وهذا ما يُفيد بأنّ معدّل سعر المربّع المربع الواحد في بيروت بلغ نحو 4200 دولار، أي أعلى من المعدّل المسجّل في دبي ومن مراكش ومن القاهرة ومن عمّان .وبحسب تقرير الصندوق «كان اللبنانيون مسؤولين عن نسبة تراوح بين80% و90% من الطلب في السوق العقارية» في فترة الفورة، إمّا للتملّك أو للاستثمار بهدف البيع لاحقاً وتحقيق العائدات الضخمة.

اسباب الغلاء في هذا القطاع والاسعار الان:

يعود السبب الرئيسي لغلاء الشقق والعقارات في لبنان هو في الطلب الهائل على شراء الاراضي من قبل الوسطاء واصحاب الاراضي في كافة المناطق اللبنانية وبدون اي رقابة من الدولة او فرض الضرائب القاسية على اصحاب العقارات وهذا ما اتاح المجال الى هذه الفوضى العارمة والجنون في الاسعار في السنوات القليلة الماضية. الجميع يعزي ارتفاع هذه الاسعار على الاخر ، فأصحاب الشقق يرفعون الأسعار عازين السبب الى ارتفاع سعر الأرض ومواد البناء، بالرغم من انه كان قد قام بشراء الارض بسعر مختلف تماماً عن السعر الذي يتزعم انه اشتراها به، وفي المقابل " صاحب الارض الاساسي" يقوم ببيع المتر بسعر مرتفع عن ما هو "منطقي" عازياً ذلك الى الطلب المسيطر على السوق العقارية

حالياً وعلى الرغم من الركود والجمود الذي يعانيه هذا القطاع بسبب الفراغ السياسي وكثرة الاضطرابات المحلية والاقليمية بسبب تداعيات الازمة السورية، التي أسهمت بشكل كبير في خفض حركة البيع بسبب الخوف من تداعيات الازمة على لبنان وخوف المستثمرين الاجانب من الخوض في عمليات الشراء والبيع الان كما ان مدخرات اللبنانيين المغتربين خفّت في عمليات التحويل وتحريك الاموال ، الا انه يمكن القول ان الاسعار ما تزال على حالها، ولكنها اكثر مرونة، ان كان من ناحية التملك او حتى الإيجار ، فالنازحون السوريون اليوم والذين يتجاوز عددهم المليون نازح انعشوا هذا السوق الى حد ما وخاصة على مستوى تأجير الشقق والتي يبرز حالياً الغلاء الفاحش باسعار الايجارات على كافة الاراضي اللبنانية.

القروض السكنية ومصرف الاسكان:

على رغم من توافر القروض السكنية المسهلة من البنوك اللبنانية ورفع مصرف الاسكان لقيمة قروضه الا ان هذه التسهيلات لم تغير من اسعار الشقق ولم تخفف كثيراً من الأقساط الهائلة التي تقع على عاتق المواطن اللبناني خاصة من ناحية الفوائد التي تفرضها البنوك الخاصة وعلى مدة زمنية طويلة ، كما ان بعض شروط هذه القروض لا تتناسب مع اوضاع جميع اللبنانيين لا سيما اولئك الذين يتمتعون بدخل جد محدود فمثلاً تسليف المصرف لقيمة " 400 ألف دولار" يجب أن يتراوح الدّخل العائلي ما بين ثمانية أو تسعة ملايين ليرة في الشهر، ومن دخله أقلّ يحصل على قرض أقلّ ، ولا يمكن أن تتخطّى قيمة القرض نسبة 80 بالمئة من ثمن المنزل أو من كلفة البناء ، وهذا ما يعني بأن الفرد الذي يريد ان يقوم بعملية شراء لشقة عليه ان يقوم بدفع دفعة اولى من جيبه على ان يدفع له البنك المبلغ المتبقي عليه.

بالفعل أصبح اليوم من يشتري شقة أو عقاراً كأنما يشتري ذهباً ورأسمالاً أبدياً ، فمع راتب المواطن اللبناني الزهيد أصبح التملك اليوم حلماً صعب الوصول اليه لكون أزمة السكن في لبنان في تفاقم وغلاء مستمر الأمر الذي ينعكس سلباً في حياة الشباب اللبناني الذين يتخبطون اليوم وسط ظروف إقتصادية صعبة تحول بينهم وبين تأمين بيت المستقبل.

http://www.charlesayoub.com/more/54567

  • » Home
  • » News
  • » اسعار الشقق في لبنان: غلاء فاحش وهمّ الشباب الكبير

SUBSCRIBE TO NEWSLETTERS

Please enter your e-mail address below to subscribe to our newsletter.

Latest Products

more...
Shop