"عشق النساء": لا مهروب من المكتوب

النهار – فاطمة عبدالله: عكس المتوقّع من عنوان يُغذي الحميمية، تخبطت النساء بالجفاء والمكابرة ورفض السعادة مع رجل، حتى لاح الختام. أظهرت منى طايع، كاتبة "عشق النساء"، أن الحب مثل الحياة، خيبة للبعض وجائزة للبعض الآخر. كأنك كما تكون يُولى عليك.

توسّل الجميع لحظة تحرره مما يحول دون التقدم خطوة. دُرّبت وجوه المسلسل (إنتاج "أونلاين برودكشن"، عرضته "أل بي سي آي") على الوقوف أمام حتمية المصير، من غير أن تبدل أقداراً أو تُطوّع فرصاً، وحين أذعنت للحب، كسبت السعادة. بدا الماضي ثقيلا على نساء لم يملكن التحكم بالظرف، فارضاً على الحاضر استجابة لكوابيس كامنة تعكّر الأمزجة. هامت غادة (ورد الخال) في حب عادل (باسل خياط)، وظل حدود الشعور زج المعشوق في خصوصية العائلة، الى أن شاء القدر عناق القلبين. تدرج العمل بحذر من المستحيل نحو الممكن، وأبقى على واقعية مقبولة تخوّل التأمل في الحب، بغير دهشة القبلة الأولى.

صعّبت أمل (نادين نسيب نجيم) الجزم بأن للسعادة مفهوماً واحدا. تستطيع المرأة المعذبة بزوج جاحد ان تُبقي على ندب الحظ، لكن أمل أرادت من الشر دليلا الى أفراحها. لم تُهم تغيرات مرّ بها زوجها بوب (وسام حنا)، منذ أن قضت على مستقبله الطبي متسببة ببتر أصابعه، في حادث انطوى على غموض كاد أن يشكل ثغرة في السياق. أدى حنا الدور الأصعب: الرجل الأناني المنكسر. تقبّله أمل مصيراً في النهاية، بعد سلسلة شطحات أثمرت فرض رغباته، شيء من فلسفة أن الإنسان مسيّر، خياراته محدودة جداً.

رجال العمل صنفان متناقضان: صاحب المزايا، عادل، المُفرط في المثالية حتى أزعج غاضبين حاولوا اغتياله، والنموذج الأسوأ فريد (جهاد الأندري) زوج غادة الأول. الباقون امتداد لكليهما. المسلسل اشتباك نماذج متنافرة. لا شخصية تُشبه الاخرى، وإن ظهر خيط يحركها جميعاً بإصبع واحدة. أحمد (طوني عيسى) استمرار صورة عادل، يليه وسام (هيثم سعيد) صاحب الطبع المنضبط. حمل كل منهما لابنتي غادة عشقاً بديعاً، على رغم الدلع والعِقد والمزاجية. وحملت جيهان (ميس حمدان) عنجهية شقيقها فريد، وأبدت، إثر تغلب شعور الأمومة، استعدادا للين والتراجع عما تراءى صواباً، لكنها أدركت متأخرة ما اقترفته يداها. كانت نهايتها خليطاً من دموع ووحدة. تفلّت منها زوجها سمير (بيتر سمعان) وتزوج أخرى، فإذا بلارا (رانيا سلوان) عقابه على معاندة القدر والتمرّد على حب جيهان بالمكابرة. ناي (ندى ريمي) اختيار الموت إزاحة الذنب من طريق غادة وعادل.

الآباء يمنحون الأبناء صنوف حياة قاسية. تظن المرأة ان الرجل شبح والدها، وكلما حاولت العشق، يُبعث أمامها ينهال على والدتها بالضرب، فتتراجع. ويفقد الرجل ودّاً حيال النساء، ويجد نفسه مستغرقاً في عشق آخر، على نقيض والده حنوناً دافئا، وأمام سخط المجتمع، ينتهي تعيساً لا يملك أن يجابه أو أن يُعدّل. في إمكان الشعور أن يتحول مأساة. أبقى النص على حقيقة أن المرء مهما تجبر مهدد بماضيه، والسعادة ليست هبة، بل خوض معركة.

جدد المخرج فيليب أسمر أسلوبه في سوق الوجوه نحو أقدارها. صنع للمألوف سياقا يحد من ألفته، فإن حل الموت، صوّره بمأسوية أجمل، كسارة (سارة أبي كنعان) على دولاب اللهو تودع شبابها. قدم الممثلون أدواراً ناضجة، أغناها حسن توجيه الرسائل، منها عظمة وهب الأعضاء ونُبل التضحية.

SUBSCRIBE TO NEWSLETTERS

Please enter your e-mail address below to subscribe to our newsletter.

Latest Products

more...
Shop