Homepage »     Skip page »

من يملك أعلى رواتب في الجمهوريّة اللبنانيّة؟

40 مليون ليرة، 30 مليوناً، 25 مليوناً.. أرقام رواتب شهريّة في لبنان، لا في القطاع الخاص حيث تحصل بعض النخب على أرقام من هذا القبيل، بل في إدارات الدولة. نعم، في القطاع العام العاجز عن إعطاء أبنائه المساكين حقوقهم المتمثّلة في سلسلة الرتب والرواتب بحجّة أنّ الخزينة لا تتحمّل..

نعم، في هذه الدولة ثمّة من يتقاضى مبالغ خياليّة ومخصّصات وتعويضات تستطيع الخزينة إيّاها، بدهاليزها المعتمة وخباياها المجهولة، توفيرها.

يقف حاكم مصرف لبنان على أعلى هرم الرواتب، براتب شهري يصل الى 40 مليون ليرة و"تمتدّ" سنته 16 شهراً. أي 640 مليوناً في السنة، عدا بعض المخصّصات الأخرى التي ترفع الرقم الى أكثر من ذلك. يشكّل مصرف لبنان، الذي يعمل بصورة حسنة خلافاً لغالبيّة أجهزة الدولة، جنّة لبعض شاغلي المراكز فيه. يعكس نوّاب الحاكم التنوّع الطائفي المعهود، ويتقاضى كلٌّ منهم 35 مليون ليرة شهريّاً، وينال كلٌّ من أعضاء لجنة الرقابة على المصارف 25 مليون ليرة، ويستفيد هؤلاء من تعويضات السفر ولذلك هم يكثرون من سندباديّتهم! أما المدير في هذه المؤسسة فيغنم 18 مليوناً، ولا ننسى أن جميع هؤلاء يتقاضون رواتب 16 شهراً في السنة!

بالمقارنة يبلغ راتب المدير العام (فئة اولى) العادي 2075000 ليرة شهريّاً اذا كان في الدرجة الاولى، ويصل الى 5057000 ليرة اذا كان في الدرجة 22 ، وهو راتب زهيد قياساً بالمسؤوليّة التي يحملها شخص في هذا المنصب.

وبالعودة إلى الأرقام "الفلكيّة"، يجب أن نذكر رواتب أعضاء بعض الهيئات، وبعضهم لا يعمل مطلقاً. فالتعويض الشهري لعضو هيئة النفط يبلغ 22 مليون ليرة يضاف اليه 3 ملايين تعويض سكن و3.6 ملايين تعويض الامتناع عن العمل (اذ لا يحق للعضو بعد انتهاء ولايته المحدّدة بست سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة العمل لمدة سنتين في أي شركة أو مؤسّسة على علاقة بقطاع النفط في لبنان). وللعضو وعائلته بوليصة استشفاء درجة اولى ومنحة مدرسيّة بقيمة 6 ملايين ليرة سنويّاً وأخرى جامعيّة بقيمة 10 ملايين. ويتقاضى بعد انتهاء ولايته تعويضاً مقداره نحو 260 مليون ليرة!

وعلى سبيل المقارنة أيضاً، يبلغ راتب القاضي 4.1 ملايين ليرة في الدرجة الاولى ويصل الى 9.3 ملايين في الدرجة 22 ( يبدأ القاضي في الدرجة الاولى وينال كلّ سنتين درجة). كما يستفيد كلّ شهرين من راتب شهر من صندوق تعاضد القضاة الذي يموَّل من خزينة الدولة ومن بعض الرسوم المخصّصة له في الدعاوى. وهكذا، نرى أنّ المولجين بإصدار الأحكام بالعدل والقسطاس، يبقون في الوسط بين منزلتَي أثرياء الدولة وفقرائها.

أما العقول التي أنيط بها إرشاد الأجيال الشابة إلى طريق النجاح عبر الجامعة اللبنانيّة فهي غير محظوظة كثيراً. يبدأ راتب الأستاذ بـ 3.7 ملايين ليرة في الدرجة الاولى ويصل الى 8.5 ملايين ليرة في الدرجة 22. فهل يعوّضه ذلك تعب الحصول على دكتوراه؟

ولا ننسى بالطبع أنّ دولتنا تضمّ الكثير من الساسة، وهؤلاء لا بد أن يتلقّوا بدلات تفي "تعبهم" حقّه. فهم يرأسون ويقودون، ويشترعون، ويتولّون شؤون الناس بفاعليّة ومهارة..

نبدأ بمخصّصات وتعويضات لرئيس الجمهورية تبلغ 12.5 مليون ليرة شهريّاً، ويحصل رئيس مجلس النواب على 11.8 مليوناً، ويماثله رئيس الحكومة بالمبلغ ذاته. ويتقاضى نائب الأمة 11 مليون ليرة، من ضمنها 2.5 مليون مساعدة اجتماعيّة من مجلس النواب لأنّ مخصّصاته وتعويضاته الاساسيّة المحدّدة في القانون هي 8.5 ملايين ليرة. أما الوزير الذي يتحمّل الأوزار فيكتفي بـ 8.6 ملايين. واذا تولى النائب منصباً وزاريّاً لا يحقّ له الجمع بين راتبين.

ولكن اعتماد عبارة أنّ النائب والوزير والرئيس يتقاضى تعويضات ومخصّصات لا راتباً، يسمح بالجمع. فمثلاً يحق للرئيسين إميل لحود وميشال سليمان الجمع بين راتبيهما التقاعديّين كقائدين سابقين للجيش ومخصّصاتهما كرئيسين سابقين للجمهورية (تبلغ 75% من مخصّصات الرئيس وتعويضاته). ويحقّ للنائب الجمع بين راتبه التقاعدي إذا سبق أن عمل في الدولة ومخصّصاته وتعويضاته كنائب. مثلاً اللواء سامي الخطيب يجمع بين راتبه التقاعدي كضابط متقاعد ومخصّصاته وتعويضاته كنائب سابق..

خزينة عاجزة، دولة مشلولة، مؤسسات معطّلة.. ورواتب خياليّة! تناقض لا يحصل إلا في لبنان، بلاد العجائب والغرائب. من دون أن ننسى "يا ما في الدولة مظاليم"!.

Homepage »     Skip page »